اعترافات مدمن…!

وجيه – ٢٩ سنة.. عاش نصف عمره مدمنًا… منذ أن كان عمره ١٤ سنة، وتحديدًا في المرحلة الإعدادية بدأ كما يقول «كالمعتاد» على حد أدمنت السجائر، ثم الحبوب المخدرة، وفي الثانوية أدمن البانجو. ثم انتقل بعدها لإدمان الهيروين… 

ويروى لنا وجيه قصته: 

كان والدي رحمه الله مهندسًا ثريًا، وكنت منذ المرحلة الإعدادية أشعر بأنني أنتمي لطبقة أعلي من الباقين، وكنت منعزل عنهم. وعندما أردت الاختلاط بالناس اعتقدت أن المخدرات ستساعدني، وكان ذلك على سبيل التهريج في البداية، على اعتبار أنني لن أتحول أبدًا إلى مدمن، ولم أكن أعلم سأعيش ١٤ سنة مدمنًا أسيرًا للمخدرات.                             

وعن الظروف التي هيأت له إدمان الهيروين يقول وجيه: توفى والدي وأنا في المرحلة الثانوية وبدأت أمي تعطيني مالًا أكثر. 

وفي هذه الفترة بدأت أصرف كثيرًا على أصحابي للتخلص من الوحدة والانعزال الذي أشعر به بطبيعة شخصيتي، حتى تعرفت على الهيروين، وأصبحت مدمنًا للهيروين لمدة أكثر من ٧سنوات. 

وعن تفاصيل هذه المرحلة يقول: إنني انفقت كل ما كان معي من مال على الهيروين، ثم اكتشفت أمي الموضوع، فكانت تعنفني وتمنعني، ثم أعود للمخدر ثانية، رغم أنها منعت عني المال. وفي إحدى المشادات معي تركت المنزل، وكنت وقتها بحاجة للمخدر وللمال، وبالصدفة جاء لزيارتي أحد أصدقاء «السوء» فاقترح علي بيع بعض أجهزة البيت من أجل الحصول على «الجرعة»، وفعلًا كانت بداية الطريق لبيع أجهزة المنزل، لدرجة أني بعت ٥ تليفزيونات خلال ثلاثة أشهر وظللت أبيع كل شيء… حتى دخلت السجن! ولدخوله السجن حكاية يرويها لنا قائلًا: كان لي معرض سيارات، ولكن مع تناقص المال وضياعه على الهيروين أصبحت مدينًا لأحد العملاء بمبلغ كبير بشيك، وقبض علي وحكم علي بعامين سجن، ووقتئذ تركني أهلي تمامًا لمدة ثلاثة أشهر، وكانت هي الصدمة التي هزتني وجعلتني «أفيق» من المستنقع الذي ترديت فيه لأن السجن ليس مكاني، فبعد الحياة المرفهة السهلة أجدني وسط حياة السجن التي لا تطاق وقتها قررت ألا أعود للمخدرات ثانية بعد كل هذه «البهدلة» التي عشتها وفقدان أهلي لي، وبعد خروجي من السجن جاءني صاحب لي وعرض عليَّ الذهاب معه لمؤسسة علاجية تستخدم برنامج نفسي متطور لعلاج المدمنين، وكانت نقطة التحول في حكايتي مع الهيروين..

حياة جديدة 

ويكمل وجيه حديثه: فحين أخبرتهم أنني أوقفت المخدر من ثلاثة أشهر، صفقوا لي بشدة وهنأوني، وكانوا سعداء بي جدًا، وشعرت بالسعادة الأول مرة منذ فترة طويلة لأن هناك من يفرح بي بهذا الشكل، وأن هناك من يمكنه مساعدتي بعد رحلة العذاب التي عشتها وشعرت بحب الناس هناك لي وبدأت رحلة العلاج التي بدأت من سنة وثمانية أشهر، ومنذ هذا التاريخ لم أتعاط أي مخدر. وكنت أشعر أني أقدم على حياة جديدة. 

وعن لحظات الانتكاس التي تعرض لها وكيف واجهها يقول: بعد ٤ أشهر من التوقف عن التعاطي كانت فكرة العودة للمخدر تلح بشدة على فاتصلت بالمشرف على علاجي وأخبرته فقال لي: «أنا في طريقي إليك». وجاء وأخذني وخرجنا معًا حتى نسيت الرغبة في عودتي للهيروين بعد أن عدت لإنسانيتي من جديد. وبعد أن أعادني حب الناس لي لنفسي. 

واقتربنا أكثر من وجيه وسألناه عن الخبرة التي اكتسبها من هذه التجربة، فقال بسعادة ضاحكًا: أصبح لدي إحساس، بعد أن كنت فاقدًا للإحساس، لم يكن هناك شيء في حياتي له طعم ولم أكن أستمتع بأي شيء، وأصبح لدي القدرة علي اتخاذ قرار ومواجهة الدنيا، بعد ما كنت أهرب منها بالمخدرات، وأصبح الناس يعتمدون علي ويشعرون أني شخص مسئول، وبعد أن كنت أنانيًا لا أفكر إلا في نفسي، وفي المخدرات أصبحت أحب الناس والدنيا وأساعد المدمنين في علاجهم، بل أصبحت أعمل مرشدًا لعلاج الإدمان، وبخاصة أنني عشت هذه التجربة وأستطيع مساعدة غيري في الخروج من هذا المستنقع، وأساعد الناس كما ساعدني الآخرون من قبل. 

اضغط هنا للجزء الثاني من المقال (هل شخصيتك تميل إلى الإدمان؟)

 

أحدث مشاركة

اكتب تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top